السؤال:
أنا فتاة عمري 23 سنة كل ما انخطب تصيبني حالة خوف شديدة وأنهار من كثرة البكاء وغير كذا الله يكرمكم تصيبني حالة إسهال شديدة.. وعلى طول أرفض العريس.. وغير كذا لو سمعت أي أحد من بنات العائلة تتزوج على طول يصيبني إسهال.. الله يسترنا وجميع بنات المسلمين.
الجواب:
أختي الفاضلة:
يعتبر الخوف من الزواج أحد المشكلات الشائعة بين الفتيات، وقد يزداد هذا الخوف أحيانا لدرجة كبيرة قد تؤدي بالبعض إلى رفض الزواج تماما وتفضيل حياة العنوسة على الزواج رغم قسوتها. ورغم تعدد الأسباب التي تكمن وراء ذلك الخوف واختلافها، ورغم أن علاقة الزواج بين الرجل والمرأة ليست بالعلاقة السهلة، إلا أن مشكلة الخوف من الزواج بالنسبة للمرأة مشكلة حقيقية، بل هي من المشاكل الخطيرة التي قد تودي بكيان الأسرة، إن لم تتمكن الفتاة أو من حولها من حلها واحتوائها قبل استفحالها! فهي تحتاج إلى جهود عديدة وتفهم وصبر وتوفيق من الله، فقد يؤدي هذا الخوف إلى الفشل السريع في الخطوبة أو الشقاق والنفور بعد الزواج وأحيانا إلى الطلاق ولو بعد حين.
أختي الفاضلة..
تذكري انك لست الوحيدة التي تعاني من مشكلة ما في هذا العالم!! فهذه الدنيا دار ابتلاءً من الله، علينا أن ننجح في تجاوزها لنفوز بالسعادة والاستقرار في الدارين.
فعليك أن تحسني الظن بالله تعالى، وأن تتأكدي أن الله قد أراد بك خيرا عندما ابتلاك بهذا الخوف من الزواج والرجال، فلابد أن هناك حكمة ما لا يعلمها إلا هو، فقد يكون خوفك ذلك سببا في عدم وقوعك في أي علاقات غير شرعية.
وهذا لا يعني أن لا تبذلي الأسباب للتخلص من هذه المشكلة، بل عليك بذل جميع الأسباب الممكنة لذلك
عزيزتي..
لابد من وجود سبب ما أو عدة أسباب أدت إلى ردة فعلك هذه، فيجب معرفتها لتتمكني من حلها.
* عليك أن تجلسي مع نفسك جلسة هادئة وتتعمقي داخلها وترجعي بها إلى الوراء.. ارجعي إلى سنوات عمرك السابقة إلى أن تصلي إلى طفولتك، وسجلي في ورقة وقلم أي أحداث غريبة أو مؤثرة تكون قد مرت بك ولو بسيطة وتعتقدين أنها السبب أو قد تلعب دورا في حالتك هذه.
* عليك أن تراجعي احد الطبيبات المتخصصات في الطب النفسي لتضع يدها على أسباب المشكلة وتتمكن من حلها، فقد يكون الحياء والخجل هما سبب مشكلتك، وقد يكون السبب عدم ثقتك بنفسك أو بقدراتك، وقد يكون السبب هو خوفك من الفشل في تكوين أسرة، وقد تكوني مصابة بحالة من الوسواس القهري، وقد يكون.... وقد يكون....
* قد يرجع السبب في مشكلتك إلى وجود خلافات متكررة داخل عائلتك أو المحيطين حولك خاصة والديك، مما أدى إلى تكون عقد وصراعات نفسية بداخلك جعلتك تربطين الزواج بالمشاكل والخلافات المتكررة، ولذلك تصابين بحالة الهلع عندما يتقدم لك أي شاب، أو تسمعين بالزواج.
* وقد يكون السبب في الأساليب التربوية الخاطئة التي اتبعها والداك في تربيتك، كالإسراف في تدليل والدك لك أو قسوة والدتك عليك بشكل مبالغ فيه، فما أفقدك الثقة بقدرتك على تحمل المسئولية.
* عليك أن تراجعي نفسك وتعطيها وقتًا كافيًا للتفكير ومراجعة حساباتك وتغيير مفاهيمك التي تعوق طريق زواجك.
ناقشي الأمر مع والدتك وأخبري أهلك بما تشعرين به بكل صراحة، فللأهل دور كبير في تصحيح مفاهيمك وإسداء النصح لك، فيمكنهم معرفة الأسباب الحقيقية خلف هذا الخوف وبالتالي معالجة الأمر وإزالة هذه المخاوف
وعلى والديك وأهلك أن يستمعوا إلى وجهات نظرك وأعذارك ومناقشتها معك ليتمكنوا من تقريب وجهات النظر وإقناعك بعكس ما تعتقدين، فللأهل دور كبير في تعظيم هذا الخوف أو تحجيمه لديك..
* لابد أن تغيري رأيك وتخوضي التجربة وتقبلي بالخطبة أو الزواج شرط أن يكون من الرجل المناسب، وعلى والديك أن يساعدوك في هذا الأمر ويقفوا معك خاصة في بداية الزواج إلى أن تقفي على قدميك وتكوني قادرة على الاستمرار وتتخلصي من تلك العقدة، ويمكنهم أن يمارسوا عملية الضغط عليك إن استدعى الأمر لذلك
* عليك أن تعززي لديك مهارة التعامل مع الآخرين والمهارات الاجتماعية المتنوعة، فقد تكون عدم قدرتك على التعامل مع الآخرين هي السبب في حدوث هذا القلق والخوف الشديدين من الزوج، وبذلك تكون الأعراض التي تنتابك ورفضك للزواج هو أسلوب من أساليب التهرب من المسئولية.
* قد يكون سبب خوفك من الزواج هو الجهل العام أو المفهوم الخاطئ للقضايا الجنسية، حيث تؤدي المعلومات الخاطئة إلى الإصابة بالخوف المرضي وردود الفعل الغير متوقعة، وهذا يلزمه أيضا أخصائية نفسية وتعاون مع الأهل لتصحيح هذه المعلومات مما يساهم في العلاج والتخلص من المشكلة.
* وقد يكون خوفك ناتج بسبب اعتقادك بأنك قد فقدن عذريتك لأي سبب كان، كممارستك للرياضية العنيفة، أو تعرضك لأي حادث أو رضة في تلك المنطقة، أو بسبب ممارستك للعادة السرية أو الممارسات الجنسية السطحية الغير مشروعة، أو غيرها.. فإذا كان الأمر كذلك، عليك تصحيح المعلومات الخاطئة لديك المتعلقة بغشاء البكارة، ويمكنك زيارة أخصائية النساء للتأكد من سلامة غشاء البكارة لديك.
* قد يكون سبب الخوف الذي تعانين منه هو بسبب صدمة جنسية أو تحرش جنسي تعرضتي له يوما ما أو ما زلت تتعرضين له حتى الآن.. وهذا الأمر يتطلب أيضا زيارة الأخصائية النفسية لمعرفة الآثار النفسية التي نتجت عن ذلك وعلاجها
* قد يكون سبب هذا الخوف هو ارتباطك السابق بشخص آخر سواء بعلاقة غير شرعية أو خطوبة أو زواج، ثم ولسبب ما انتهت هذه العلاقة من قبل الطرف الآخر مما جعلك تخافين من أن يرفضك الطرف الآخر الذي يتقدم لك ولو بعد حين، أو تكوني قد مررت بتجربة عاطفية مريرة من قبل، فترسبت لديك مفاهيم خاطئة عن الرجال والزواج، وأصبح شبح الفشل يطاردك لذا تفضلين الهروب وعدم الإقدام في موضوع الزواج.
* قد تكوني مصابة بأحد أنواع اضطرابات الشخصية التي تنعكس لديك على شكل الخوف من الزواج، وهذا ما يجب أن تحدده الأخصائية النفسية، ثم تحدد نوعية هذا الاضطراب وأسبابه وعوامله وهل هي وراثية أو تربوية أو غيرها. وهل يمكن علاجها بسهولة أم تحتاج إلى وقت طويل
* من احد الطرق التي يمكنك إتباعها لتتخلصي من الخوف هي الخطوات التالية
•احضري ورقة وقلم لتحللي سبب خوفك.
• اكتبي المشكلة التي تعانين منها.
• اكتبي ما هي أسوء الاحتمالات التي يمكن أن تحدث لك إذا أقدمت على الزواج من وجهة نظرك.
• حاولي أن تقنعي نفسك بأن تتقبلي حدوث أسوء الاحتمالات أن قدر الله لها أن تحدث
• إن وجدت نفسك لا تتقبل ذلك، حاولي معها بشتى الطرق واوجدي لها الحلول والخيارات الممكنة إلى أن تتقبليها.
• اكتبي ما هي الخطوات والحلول التي يمكنك عملها واللجوء إليها لتحسين أي حدث سيء من وجهة نظرك يمكن أن يواجهك.
• توكلي على الله واستعيني به بصدق {ومن توكل على الله فهو حسبه}.
• اصبري وداومي على الدعاء والاستغفار، وتذكري أن «من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أَحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر».
* قد تكونين مصابة بالعين، وهذا الموضوع محتمل الحدوث ولا يستهان به، لذا عليك باستخدام الرقية الشرعية والمداومة والحرص عليها مع الدعاء بالشفاء.
* حاولي أن تقرئي سورة البقرة يوميا أو على الأقل كل ثلاث أيام، وقراءة سورة الفاتحة وأية الكرسي وخواتيم البقرة والإخلاص والمعوذتين صباحا وعند المغرب وقبل النوم، وألزمي الاستغفار واستحضري دوما نية الشفاء
* عليك أيضا بالصدقة فهي سبب قوي من أسباب التوفيق والعلاج وجلب الرزق
* حاسبي نفسك جيدا، فقد تكون مشكلتك بسبب ذنوبك، فالله عندما يبتلي عبده يكون ابتلاءه إما لذنب فعله العبد ليتوب فيغفر له ذنبه، أو لرفع درجاته.
فعليك بترك الذنوب والمعاصي مهما صغرت فلا تحقريها فهي سبب كل شر، وهي جالبة الهموم والضيق وتعسر الأحـوال، وعليك بالاستغفار والتوبة وكثرة الدعاء واللجوء إلى الله. فقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه «ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبـة».
* أكثري من قول: (أستغفر الله الذي لا اله ألا هو الحي القيوم وأتوب إليه) ليل نهار ولا تسأمي، حاولي أن تستغفري ما لا يقل عن 1000 مرة في اليوم، فالاستغفار مفتاح لأبـواب الرزق والخير والبركـة، وله مفعول عجيب ولكن يلزمه قوة الإيمان والاعتقاد والثقة والصدق مع الله «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هما فرجا ورزقه الله من حيث لا يحتسب».
الكاتب: د. سلوى البهكلي.
المصدر: موقع المسلم.